]
في خضم التصعيدات الدموية التي يشهدها العالم العربي، من غزة التي تقصف بلا رحمة إلى اليمن الذي يعاني ويلات العدوان المستمر، يطل علينا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بإجراءات مثيرة للجدل، أبرزها ما يُعرف بـ"الزيادات" التي فرضها أو دعا إليها، سواء في الرسوم أو التصريحات أو السياسات الشعبوية. غير أن المتابع الحصيف لا يغفل عن التوقيت المدروس لهذه التحركات التي تأتي في ظل تصاعد الغضب الشعبي العالمي تجاه ما يحدث في الأراضي الفلسطينية واليمنية.
فترامب، المعروف بإثارته للجدل وتوظيف الأزمات لتوجيه الأنظار، يبدو وكأنه يحاول خلق ضجيج داخلي يشغل الإعلام والشعوب عن المجازر التي تُرتكب في غزة بحق المدنيين، وعن الوضع الإنساني الكارثي في اليمن، حيث تلوح في الأفق جرائم إبادة لا تقل بشاعة.
لا يمكن فصل تصريحات ترامب أو حملاته الانتخابية الحالية عن استراتيجية طويلة الأمد في السياسة الأميركية، تهدف إلى السيطرة على الرأي العام وتوجيهه بعيدًا عن مراكز الألم الحقيقية في العالم. فبينما يُتهم الكيان الصهيوني بارتكاب جرائم حرب في غزة، وتُسجّل تقارير الأمم المتحدة تدهورًا مأساويًا في الوضع اليمني، تتصدر عناوين الإعلام الأميركي تصريحات ترامب حول الاقتصاد أو الهجرة أو "عظمة أميركا"، في مشهد يُراد له أن يُنسي العالم المأساة.
ما يجري هو لعبة إعلامية خطيرة، حيث تُستخدم قضايا داخلية كأدوات تشتيت للرأي العام العالمي، تمامًا كما تُستخدم القنابل الفسفورية لتغطية الجرائم على الأرض. نحن أمام مسرحية سياسية هدفها التعمية، وليس الإصلاح أو التغيير الحقيقي.
إن الواجب اليوم على الإعلام الحر، والمثقفين، وكل أصحاب الضمير، أن يكشفوا هذا التواطؤ الإعلامي والسياسي، وأن يُعيدوا توجيه الأنظار إلى حيث يُذبح الأبرياء، ويُمحى التاريخ، وتُكتم أصوات الحق.
التعليقات